نزول المطر الشديد يوم تبوك بدعاء النبي
صلى الله عليه وسلم
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قيل لعمر بن الخطاب، حدثنا عن شأن ساعة العسرة، فقال عمر: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد (أي قلة نزول المطر)، فزلنا منزلاً وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان أحدنا ليذهب فيلتمس الرجل فلا يجده حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى أن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه (أي روثه وفضلاته) فيشربه، ثم يجعل ما بقي على كبده، فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله، إن الله قد عودك في الدعاء خيرًا، فادع الله لنا
فقال صلى الله عليه وسلم: أو تحب ذلك؟
قال: نعم، فرفع يديه نحو السماء
فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأطلت ثم سكبت فملأوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر - أخرجه البيهقي في الدلائل وقال ابن كثير في البداية: هذا إسناد جيد قوي ولم يخرجوه
سعد مُجاب الدعوة بسبب دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم استجب لسعد إذا دعاك. فكان لا يدعو إلا استجيب - أخرجه الترمذي، والحاكم صححه
ومن هذا ما رواه جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: شكا أهل الكوفة سعدًا، يعني ابن أبي قاص رضي الله عنه، إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فعزله واستعمل عليهم عمارًا، فشكوا (أي سعدًا رضي الله عنه) حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي فأرسل إليه
فقال: يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي
فقال: أما والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخرم عنها؛ أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأخف في الأخريين
قال: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق
وأرسل معه رجلاً أو رجالاً إلى الكوفة يسأل عنه أهل الكوفة فلم يدع مسجدًا إلا سأل عنه ويثنون معروفًا، حتى دخل مسجدًا لبني عبس فقام رجل منهم يقال له: أسامة بن قتادة يكنى أبا سعدة، فقال: أما إذا نشدتنا فإن سعدًا كان لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية
قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبًا، قام رياءً وسمعة، فأطل عمره وأطل فقره وعرضه للفتن
قال عبد الملك بن عمير الراوي ن جابر بن سمرة: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكِبَر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق فيغمزهن، وكان بعد ذلك إذا سُئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد - صحيح - رواه البخاري ومسلم
الفرس الضعيف يسبق ويدر الأموال الطائلة
عن جعيل الأشجعي رضي الله عنه قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، وأنا على فرس لي عجفاء ضعيفة، قال: فكنت في أُخريات الناس، فلحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: سر يا صاحب الفرس
فقلت: يا رسول الله، عجفاء ضعيفة
قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مخفقة معه فضربها بها وقال: اللهم بارك له
قال: فلقد رأيتني أمسك برأسها أن تقدم الناس، ولقد بعت من بطنها باثني عشر ألفًا
رواه البخاري في التاريخ، والنسائي في السنن الكبرى، والبيهقي في الدلائل
------------------------------------------------------------
دعاؤه لعبد الرحمن بن عوف
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف: بارك الله لك. رواه البخاري. قال عبد الرحمن: فلقد رأيتني ولو رفعت حجرًا لرجوت أن أصيب تحته ذهبًا أو فضة. أخرجه ابن سعد والبيهقي
وفتح الله له أبواب الرزق، ومن عليه ببركات من السماء والأرض، وكان حين قدم المدينة فقيرًا لا يملك شيئًا، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري رضي الله عنه، فقال سعد لعبد الرحمن: إن لي زوجتين فاختر أجملهما أطلقها ثم تعتد ثم تتزوجها، وإن لي من المال كذا وكذا فخذ منه ما شئت. فقال عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك، بارك الله لك في زوجتيك ومالك، ثم قال: دلوني على السوق - أخرجه البخاري
فصار يتعاطى التجارة، وفي أقرب زمن رزقه الله مالاً كثيرًا ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم، حتى أنه لما توفي بالمدينة سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين، حُفِر الذهب من تركته بالفئوس، حنى جُرِحت الأيدي من كثرة العمل، وأخذت كل زوجة من زوجاته الأربع ربع الثمن ثمانين ألفًا. وقيل: إن نصيب كل واحدة كان مائة ألف، وقيل: بل صولِحت إحداهن على نيف وثمانين ألف دينار، وأوصى بألف فرس وخمسين ألف دينار في سبيل الله، وأوصى بحديقة لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، بيعت بأربعمائة ألف، وأوصى لمن بقي من أهل بدر لكل رجل بأربعمائة دينار، وكانوا مائة، فأخذوها وأخذ عثمان فيمن أخذ، وهذا كله غير صدقاته الفاشية في حياته، وعطاءاته الكثيرة، وصلاته الوفيرة؛ فقد أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدًا، وتصدق مرة بعير: وهي الجمال التي تحمل الميرة، وكانت سبعمائة بعير، وردت عليه، وكان أرسلها للتجارة، فجاءت تحمل من كل شيء فتصدق بها وبما عليها من طعام وغيره بأحلاسها وأقتابها
وجاء أنه تصدق مرة بشطر ماله، وكان الشطر أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفًا، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم تصدق بخمسمائة فرس في سبيل الله ثم بخمسمائة راحلة